أيام الخليقة الستة
1: البحار

أولًا: مجتمع البحار
"وقال الله
لتجتمع المياه تحت السماء في مكان واحد، ولتظهر اليابسة. وكان كذلك.
ودعا الله اليابسة أرضًا، ومجتمع المياه دعاه بحارًا" (تك10،9:1).
لقد كانت المياه
كما سبق أن علمنا تغطي كل الأرض، مما جعل تسميتها (غمرًا) أي الأرض المغمورة
بالمياه.
ولكن كيف تكون
الحياة على الأرض مغمورة بالمياه؟! كيف يعيش الحيوان؟
وينموالنبات..؟! كيف تكونت الحياة والأرض التي نراها الآن مع وجود هذه
المياه؟
لكي نفهم ما حدث،
نحتاج إلى إلقاء الضوء على الأمثلة التالية:
1- ماذا يحدث عندما
تفقد الأرض الزراعية جزءًا كبيرًا من مياهها بالتبخير؟ أي ماذا يحدث للأرض
الزراعية عندما تفقد جزءا كبيرا من حجمها؟ هل تنقص مساحة الفدان لنقصان حجم
الأرض؟! بالطبع لا.
إن ما يحدث هو تشقق
الأرض الزراعية، ليحل الهواء محل الماء. ولكن تبقى المساحة ثابتة رغم
نقصانها.
2- ماذا يحدث لو
تركنا بعض ثمار الفاكهة أو الخضراوات معرضة للهواء أو الشمس؟ ماذا لو تم وزن
الثمار بعد عدة أيام بالميزان؟ إن ما يحدث هو أننا نجد أن وزنها قد نقص،
وبالتالي نلاحظ أن حجمها قد نقص وصغر. ولكن مساحة سطحها لا تتغير. مما
يجعل شكلها الخارجي يتغير نسبيًا للمحافظة على مساحة السطح، على الرغم من تغير
الحجم وهذا الشكل الجديد، نقول عنه أن الثمار قد ذبلت، أي أصبح سطحها خشنًا
متعرجًا.
3- ماذا يحدث لو
تركنا لوحًا خشبيًا حديث القطع من شجرة معرضًا لأشعة الشمس لفترة طويلة؟ إن
ما يحدث هو أحد أمرين أو كلاهما: إما أن يشتقق اللوح (مثل الأرض الزراعية)، أو
ينحني سطحه ويصبح مقعرًا تجاه الشمس.
4- يظهر نفس الحال
عندما يتبع شخصًا نظامًا غذائيًا قاسيًا، مما يتسبب في وجود بعض التجاعيد والهالات
السوداء حول العين.. وما هذه الهالات إلا تجاعيد صغيرة جدًا في الجلد المحيط
بالعين.. فتحدث التجاعيد بدون أن ينكمش حجم الجلد.
إن ما حدث للأرض
إنما هو أنها انكمشت بشدة بالتبريد مع الوقت، مما قلل من حجمها، في حين أن مساحة
سطحها لا تتغير. وقد أدى ذلك إلى ظهور التجاعيد ولكن على نطاق واسع.
وهذه التجاعيد بالنسبة لأرض، هي مجموعة من الظواهر الطبيعية والجيولوجية.
ومن أمثلتها:
1- الفوالق faults: ومثال ذلك ما يمثله البحر الأحمر حاليًا، فهو مجموعة من الفوالق
المركبة.
2- الطيات folds: وهي عبارة عن تجاعيد وانحناءات في الطبقات الأرضية..
وقد أدى ظهور هذه
الفوالق والطيات إلى ظهور مرتفعات تمثل اليابسة، ومناطق منخفضة اندفعت إليها
المياه لتكوين البحار. وقد أدت هذه الطيات وتلك الفوالق ليس فقط إلى ظهور
اليابسة إلى أعلى، بل كشفت أيضًا الطبقات الصخرية وما تحويه من معادن وحجارة ثمينة
أمام نظر الإنسان. ليبدأ
في عملية استغلالها.
هذا وقد تغيرت
المعالم الأولى لهذه الطيات والفوالق، نتيجة لعوامل التعرية والترسيبات
المختلفة. وتوضح الرسومات كيف تكونت المرتفعات والمنخفضات سواء بالطيات أو
الفوالق.

ثانيًا: تأكيدات تاريخية علمية:
لقد ظلت معرفة
البحار والمحيطات، ومدى ارتباطها ببعضها البعض معرفة قاصرة محدودة، حتى تمكن
كريستوفر كولمبوس Christopher Columbus سنة
1492 من الوصول إلى الأمريكتين. وبعدها فرديناند ماجلان Ferdinand Magellan من الإبحار حول الأرض.
ومن بعدها الطائرات وسفن الفضاء، لتؤكد صحة الحقيقة المذكورة فيالكتاب
المقدس: "لتجتمع المياه التي تحت السماء إلى مكان واحد". وهذا ما
كتبه موسى النبي الذي لم ير في حياته أكثر من البحر الأحمر والبحر المتوسط، الذين
كانا منفصلين في ذلك الوقت (لأن قناة السويس لم تكن موجودة حينئذ).
وحتى البحيرات
الداخلية وإن كانت معزولة ظاهريًا، إلا أنها متصلة خفية عن طريق المياه التحت
سطحية والجوفية.
حقًا، لم
يكن موسي إلا قلمًا يكتب به الله، ولسانًا يتحدث من خلاله الله،
وفكرًا يفكر بما أوحى له الله من قبل.

اليوم الثالث
2: النباتات
ظهور النباتات:
"وقال الله
لتنبت الأرض عشبًا، وبقلًا يبزر بزرًا، وشجرًا ذا ثمر يعمل ثمرًا كجنسه،
وبزره فيه على الأرض. وكان كذلك" (تك11:1-13).
لقد خلق الله الأرض
للإنسان، ولذا أخذ الله في إعداد هذه الارض. وأثناء إعدادها مرت بعدة مراحل:
1- إنفصالها عن
الجسم المشتعل لتبدأ في البرودة تدريجيًا.
2- ظهور اليابسة،
وتجمع المياه إلى مكان واحد.
3- إنقشاع الأبخرة،
حتى يتسنى للضوء –دعامة الحياة- بالدخول إليها.
4- وبعد ذلك كان
للنباتات أن تظهر.
ولكن، لماذا
النباتات في هذه المرحلة؟ هل لأنها تمثل الغذراء الرئيسي
للإنسان والحيوان؟ في الحقيقة الأمر يرجع لعدة أسباب جوهرية:
* الطعام:
فالنبات بالنسبة للإنسان يمثلالطعام الرئيسي، بل وبالنسبة للإنسان الأول فهو
الطعام الوحيد، كما يتضح من الكتاب المقدس: "وقال الله أني أعطيكم كل
بقل يبزر بزرا على وجه الأرض، وكل شجر فيه ثمر، شجر يبزر بزرًا لكم يكون طعامًا"
(تك29:1). وأيضًا هو يمثل الطعام الأساسي للحيوان والطيور كما يعلن الكتاب
المقدس: "ولكل حيوان الأرض، وكل طير السماء، ولكل دبابة على الأرض
فيها نفس حية، أعطيت كل عشب أخضر طعامًا. وكان كذلك" (تك30:1
* تجديد الهواء: نحن
نعلم أنه بعد استقرار الأرض ثبتت نسبة الأكسجين في الجو، ولكن ماذا يكون
الوضع بعد خلق النباتات والحيوانات، التي تقوم عملية البناء والهدم فيها
أساسًا على الأكسجين Oxygen؛
حيث يتحول إلى ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء، وأحيانًا إلى أول اكسيد
كربون؟ فكيف تستمر الحياة مع استنزاف الاكسجين من الجو؟!
كان لابد من معمل
كبير لإنتاج الأكسوجين للمحافظة على نسبته في الجو وللحفاظ على استمرارية
الحياة. ولكن الله لم يخلق معملًا واحدًا، بل ما لا يحصى من المعامل في كل
نبات أخضر..
فخلق معملا متكاملًا في كل خلية حية خضراء صغيرة مهما صغر حجمها. وهذا المعمل
رغم صغره قادر على إنتاج الاكسوجين، وذلك عن طريق عملية التمثيل الكلوروفيللي
بواسطة الضوء والمادة النباتية الخضراء (الكلوروفيل) Chlorophyll.
ومن هنا
نرى قوة الآية التي قيلت في المزمور:
"المُنبِت عشبًا للبهائم، وخضرة لخدمة الإنسان"
(مز14:104). فعبارة "خضره" هنا تعني عملية التمثيل
الكلوروفيللى. ويتضح ذلك لسببين:
1- ذكرت عبارة خضرة
وليس عشب أو نبات. إذا فهو يتحدث عن اللون الأخضر.
2- ذكر كلمة "خضرة" ولم يذكر
عبارة "طعامًا" لأن الإنسان لم يكن مصرحًا له في البداية أن يأكل
من عشب الأرض في الماضي. فقبل سقوط آدم كان يأكل "بقولًا
وثمار الأرض" فقط، ولكن ابتدأ يأكل العشب كإحدى العقوبات بعد
الخطية.

تعليقات: (0) إضافة تعليق