الطوفان والعلم
الطوفان وعلم الأنثروبولوجي
ثانيًا: لقد سجل علم الانثروبولوجي Anthropology كثير من القصص التي
تناقلتها الأجيال، ومن بين الباحثين الذي كرسوا جهودهم للوصول إلى حقيقية الطوفان
عالِم كندي يُدعى د. آرثر كوستانس Dr.
Arthur Custance،
وهو عضو المعهد الكندي الملكي للعلوم الإنسانية، وهو دار للغة المسمارية ولغات
الشرق الأوسط.. وكتب هذا العالم بحثًا عن معتقدات العالم في الطوفان..
وقد إتفقت جميعها في سبب الطوفان، وعن الشخص الواحد الذي أنقذه الرب هو وعائلته،
واتفقوا أيضًا في أن كل سكان العالم الحاليين قد إنحدروا من الناجين، وفي وجود الحيوانات في الفلك واستخدامها في
الاستطلاع.. وإن إختلفوا في المكان الذي استقر فوقه الفلك.
ومن الجدير بالذكر أن قصة الطوفان مدونة قبل
إنتشار المسيحية على الألواح الطينية والحجرية..
يقول جون ستيوارت ميل John Stuart Mill "لئن كان هناك
تشابه بين رواية الكتاب المقدس والمخطوطات الكلدانية القديمة، فإن
المقارنة بين رواية الكتاب المقدس والمخطوطات المذكورة تثبت أن تاريخ المخطوطات
الكلدانية أحدث من تاريخ الكتاب المقدس، وأن رواية هذه المخطوطات قد شوَّهتها
خرافات العصور القديمة"
الطوفان
وعلم الأركيولوجي
علم الاركيولوجي Archeology يدرس ما يتعلق
بالأجناس البشرية التي إنقرضت، لذا تتوقف دراسة العلماء فيه على التنقيب في باطن
الأرض للبحث عن مخلفات الأجناس القديمة، ومن أشهر ما وجدوا، قصة تتطابق مع أحداث
الطوفان مكتوبة على ألواح طينية وتسمى بـ"ألواح جلجاميش" Gilgamesh Tablets.
ففي أثناء حكم الملك الآشوري "أشوربانيبال" Ashurbanipal (699-627 ق. م.)
كان هناك اهتمام كبير بالسجلات التي تتعلق بالمباني القديمة والمكتبات..
ولما مات الملك اشور بانيبال أغلقت مكتبته في نينوى، وكانت تحتوي على 100.000 من
الألواح الطينية، وقد طواها النسيان حتى اكتشفها فريق من علماء الآثار البريطانيين
في الخمسينات من القرن التاسع عشر.
ويحكي د. كليفورد ويلسون Dr. Clifford Wilson أنه
عندما عثر الباحثون على الآثار المطمورة لم تكن الألواح كاملة، وفي سنة 1873 أرسلت
إحدى الصحف شخصًا يدعى جورج سميثGeorge Smith الذي يعمل في
المتحف البريطاني إلى نينوى بالعراق للبحث عن باقي الألواح الناقصة..
وبعدما وجدها بصعوبة، لاحظ أنها مكتوبة بلغة
الأكادي وهي تنتمي إلى التراث القديم في الشرق، ونشأت القصة عن السومريين،
وهم الشعب الذي اتخذوا أور عاصمة لهم في العراق.
وهذه القصة ترجع إلى تاريخ كتابة سفر
التكوين بيد موسى
النبي. فموسى كتاب كتابه الأول نحو عام 1475 ق.م. أي نحو 1400
سنة بعد الطوفان
وتوجد قصص أخرى عن الطوفان منها ما في مصر القديمةوأسكندنافيا
والصين والإسكيمو والهند.. إلخ.
الطوفان وعلماء الجيولوجي و البيولوجي (أ)
رابعًا: لقد كان الطوفان حدثًا مأساويًا بدأ ببروق ورعود ثم
أمطار، ما لبثت أن انهمرت بغزارة.. فكانت هناك أمطارًا تسقط من السماء في
غزارة ومياه تنفجر من أعماق الأرض في قوة.. ومع الوقت تندفع المياه في كل
موضع، وتقتلع من أمامها الأشجار، وتُسقِط بقوة كل بناء وتُغرِق بين أمواجها كل
كائن حي، وبالتدريج ترتفع المياه فيرتفع معها الفلك، وترتفع حتى تغطي كل الجبال
بما في ذلك أعلاها..
ولكن كيف حدث هذا؟ ومن أين جاءت كل
هذه المياه؟!
لابد أن الأرض تزلزلت وتشققت لتخرج مياهها
الجوفية إلى سطحها، ولابد من مصدر لتلك المياه المنهمرة في قوة وغزارة من السماء..
ولابد أنت يترك الطوفان أثرًا على الأرض
وجبالها على مر التاريخ، ولابد لدارس القشرة الأرضية أن يكتشف لنا خبايا وخفايا
أسرار الطوفان.
ولقد اهتم الباحثون والدارسون بدراسة سطح
الأرض خلال المئتي سنة الماضية للوصول إلى أسرار الطوفان، ونشأت عدة نظريات نتيجة
لهذه الدراسات، تبدأ برفض الطوفان وتتدرج إلى أن تنتهي بالطوفان الشامل الذي شمل
كل الكرة الأرضية، وسوف نلقي الضوء على أربعة من هذه النظريات:
1- النظرية الأولى:
وهي نظرية قديمة لا تقبل ما سجله الكتاب المقدس في سفر التكوين، وأصحاب هذه النظرية
ينكرون حدوث الطوفان بالصورة التي ذكرها سفر التكوين.
2- النظرية الثانية:
وهي لا تنكر حدوث
الطوفان ولكنها
تحدد أنه كان مجرد موجة مَدّية..
وأصحاب هذه النظرية يقبلون كل ما جاء من تفاصيل
عن الطوفان في سفر التكوين، ولكنهم يعللون حدثه بموجة مدية، وهي تعني إرتفاع مياه
الشواطئ بصورة نادرة لظروف استثنائية بسبب الرياح العاصفة وليس لطوفان كوني
شامل.. مثلما حدث في مأساة تسونامي Tsunami يوم 26ديسمبر 2004.
وبالنظر إلى هذه النظرية بنظرة علمية، نتفق
مع أصحابها أنه بالتأكيد صاحَب الطوفان موجات مدية بسبب الزلازل التي صاحبت
الطوفان، ولكن هذه الموجات المدية لا تصلح لأن تكون سببًا للطوفان، لأن الموجات
المدية ترتفع وما تلبث أن تتراجع، ولكنها لا يمكن أن تستمر هذا الزمن الطويل الذي
يجعل الأرض مغمورة لمدة عام تقريبًا!
3- النظرية الثالثة:
وهي تلك النظريه التي تبناها جوزيف سميث Joseph Smith عام 1839، وهي تدور
حول فكرة فيضان محلي غمر منطقة ما بين النهرين فقط (العراق حاليًا).
وأكد سميث أنه لا يمكن أن يكون الطوفان
شاملًا، معللًا ذلك بإستحالة وجود مياه بهذه الكمية التي تغمر الأرض كلها، وترتفع
فوق الجبال، ويقول من أين أتت؟! وإلى أين ذهبت؟! ولقد إختلق قصة معجزة
تبرر حدوث الطوفان وهي حدوث فوالق عظيمة Faults في
منطقة الشرق الأوسط أدت إلى إندفاع المياه الجوفية إلى أعلى وإنخفاض مناطق من
الأرض.. إلخ.
وقد أيده في ذلك سير ليونارد وولي Sir Leonard Woolley سنة
1929 ود.
ستيفن لانجدون Dr. Stephen Langdon، وخاصة بعد حفريات أور التي تم إكتشافها في العراق نحو عام
1930.
ولكن بعد مدة بسيطة تغيرت نظرتهما حيث تم
إكتشاف أن الرواسب الطبيعية في كل من أور وكبش غير متزامنة، وتحقق العلماء أن
الفيضان الذي حدث في أور في وقت من الأوقات غمر جزءًا من المدينة فقط، وأن رواسب
أور لا تغير من أحداث الطوفان.
4- النظرية الرابعة:
توجد أدلة جيولوجية كثيرة تؤكد فكرة الطوفان
الشامل الذي غمر الأرض كلها أكثر من تأييد النظريات الثلاثة الأخرى، ومن هذه
الأمثلة:
1- إنتشار الرواسب في العالم كله:
فمثل هذه الفيضانات كان لابد وأن ترسب كمية
هائلة من الرسوبيات في جميع أنحاء العالم، ولقد قدر علميًا أن أكثر من 0.5% من سطح
الأرض هو طبقة رسوبية.. فالولايات المتحدة على سبيل المثال بها رواسب هائلة
في كاليفورنيا وهضبة كولورادو والسهول في أواسط الغرب، وفي الهند أيضًا توجد أشهر
الرواسب على عمق 60.000 قدما.. مما يؤكد قدمها.
2- إنتشار الحيوانات والنباتات المتحجرة في
كل أنحاء العالم:
فلقد عثر علماء الجيولوجيا على رواسب في
جميع انحاء العالم تحتوي على حيوانات ونباتات وأشياء من صنع الإنسان متحجرة في
مناطق جيولوجية متعددة.. وتحتاج هذه الكائنات إلى سرعة نقل ودفن قبل التحلل،
وهذا يحدث في الفيضانات الشديدة..
وقد عثر العلماء حديثًا في جبال روكي
الحالية على حيوانات مفصلية من ذوات الثلاثة فصوص محفوظة متحجرة، ووجدوا حشرات دقيقة أخرى متحجرة ومحفوظة دون أي
أثر لتحللها، وهذا يوحي بأنها لم تمت موتًا بطيئًا بل بسبب كارثة مفاجئة مثل فيضان
عظيم.
3- وجود أسماك محفوظة في الصخور:
إن وجود أسماك أو قواقع في الصخور يبدو
غريبًا وغامضًا، حيث أن الأسماك لا تُدفَن بسهولة. وكما يقول العالم
إيمانويل فليكوفسكي Imanuel Velikovsky أن
الأسماك عندما تموت يطفو جسمها على السطح، أو يغوص إلى القاع، وسرعان ما تلتهمها
الأسماك الأخرى في ساعات.. غير أن الأسماك المتحجرة التي عثر عليها في
الصخور الرسوبية غالبًا ما وجدت محفوظة في حالة جيدة، وعظامها سليمة لم يصيبها
أذى. ولم توجد في حالة مزرية أو بأعداد قليلة، بل وجدت على هيئة أفواج كاملة
على مساحات كبيرة يصل عددها بالبلايين. كما أنها وجدت في حالة صراع عنيف مع
الموت، ولكن بلا أدنى علامة تدل على هجوم الحيوانات الأخرى عليها. وهذه
الأسماك تغطي مساحة تصل إلى مئات الأميال!! والجيولوجي د. هيو ميللر Hugh Miller يصف ذلك
بكل وضوح..
ويتحدث أيضًا هاري لاد من المساحة الجيولوجيه
بالولايات المتحدة الأمريكية عن مجمع سمكي في سانتا باربارا بولاية كاليفورنيا،
حيث توجد أكثر من بليون سمكة طولها 8:6 بوصات ماتت على مساحة أربعة أميال مربعة في
قاع الخليج.. والسؤال هو كيف تم حسبها هناك ما لم يكن بسبب فيضان؟!
4- وجود نباتات وحيوانات فقارية في مناطق
باردة:
كما وجدت مقبرة أخرى تم إكتشافها بالقرب من
دياموند فيل يونج في طبقة رسوبية تجذب إليها السياح، حيث تقدم لنا نماذج سليمة من
الأسماك والنباتات المتحجرة من أحسن النماذج في العالم
لأسماك ضخمة يتراوح طولها من 8:6 بوصات، وسعف نخيل يتراوح عرضه من 4:3
أقدام.. ووجود ف النخيل يؤكد النظرية الجيولوجية أن المناخ كان قاريًا على
عكس المناخ الحالي، حيث تتعرض الجبال في الوقت الحاضر للعواصف الثلجية.. كما
تحتوي الرواسب على مجموعة غريبة من الكائنات من تماسيح وأسماك أبو منقار وذئب
البحر، وبعض الطيور والزواحف كالسلاحف، وبعض الحيوانات
الرخوية والثدييات والحشرات المختلفة، ولكها تؤكد وجود فيضان شديد وتؤكد تغير
المناخ على سطح الأرض.. .
5- وجود مزيج من الحفريات المتحجرة في جميع
أنحاء العالم:
وجد مزيج من كائنات حية تنتمي إلى مواطن
وبيئات مختلفة، ويعتقد الكثير من العلماء أن هذا يحدث بفعل عملية تُسمىallochthonous، والتي يتم فيها نقل المواد بسرعة من موقعها النهائي حيث يتم
ترسيبها في ظروف الفيضانات، ويؤكد هذا الاعتقاد رواسب الكهرمان البلطيقية الشهيرة
في غرب أوروبا. والتي قام ببحثها بحثًا شاملًا دقيقًا دكتور هربرت نلسون
المدير السابق لمعهد النبات السويدي.
6- وجود الكائنات محفوظة بحالة جيدة:
ومن المدهش أنه في بعض الحالات ترسبت أوراق
النباتات وبقت محفوظة في حالة نضرة وحالة الكلوروفيل فيها جيدة، لدرجة أنه يمكن
تمييز أنواع الألفا من البيتا فيها!
وهناك حقيقة تضاهي حفظ الكلوروفيل chlorophyll وهي وجود الأجزاء
الرخوة من الحشرات مثل العضلات والأدمة (باطن الجلد) والبشر والألوان مثل
الميلاتنين واللينوكروم وأيضًا وجود الغدد ومحتويات الأمعاء! وكذلك الشعر
والريش وقشور الأسماك..
والمفترض أن كل هذه الأشياء تتحلل وتتلف في
أيام محدودة وربما ساعات، وهذا يؤكد دقة عزلها في فترة قصيرة جدًا وبسرعة مذهلة.
7- كشف أشياء من صنع الإنسان في الصخور
الرسوبية:
فعلى سبيل المثال عثر عام 1851 في كتلة
مختلطة مكورة من الرواسب على وعاء معدني منقوش، وكانت هذه الكتلة في دورشستر Dorchester بولاية ماساتشوستس Massachusettsالأمريكية كما يذكر في مجلة Scientific American أن
إنفجارا قويًا حدث في الصخور قرب دورشستر دفع إلى الخارج كتلة هائلة، ومنها بعض
القطع التي تزن عدة أطنان، ونثر الإنفجار بعض القطع في جميع الجهات.. ومن
بين هذه القطع إناء معدني على شكل جرس.. وكذلك فقد إكتشف كورتز Kurtz من نامبا Nampa عن دمية من الطين لفتاة، وكان هذا التمثال على عمق 300 قدم من سطح الارض في
طبقة الرمل الخشن..
8- العثور على حفريات بحرية متحجرة على قمم
الجبال:
تم العثور على حفريات بحرية متحجرة على
إرتفاعات عالية، وأيضًا على قمم الجبال، وهذا يعتبر دليلًا من الأدلة الجيولوجيه
القوية على حدوث الطوفان.
وقد تم العثور على عظام أسماك ومحارات
القواقع البحرية والأسماك الصدفية على قمة جبل إفريست. وعندما تسلق
الجيولوجيون جبل اراراط اكتشفوا أن على القمة أصدافًا بحيرية، كما تم اكتشاف
بحيرتين مالحتين في المناطق المجاورة لجبل أراراط (بسبب إنحسار مياه المحيطات التي
غمرت الجبال، وتبقي بعض المياه على هيئة بحيرة مغلقة).
وبحيرة فان Lake
Van في
شرق تركيا بها المثل، وأيضًا بحيرة أورميا Lake
Urmia في
إيران.. كما تم العثور على قطع ملحية في حجم حبات العنب مما يدل على أن
المحيط كان على إرتفاع أعلى من 7000 قدما مما هو عليه الآن..
9- وجود حمم متوسدة على ارتفاع 140000 قدمًا
من جبل أرارات:
والحمم المتوسدة Pillow Lava عبارة عن حمم بركانية تتعرض لتبريد ريع تحت
الماء مما يجعلها تأخذ أشكالًا مستديرة تشبه الوسادة. ووجود هذه الحمم على
إرتفاعات تصل إلى 14000 قدمًا على جبل أراراط يفيد بأن هذه الجبال كانت مغمورة
بالمياه في ذلك الوقت، وأن هناك حركات أرضية من زلازل وبراكين قد حدثت في ذلك
الوقت مما أدى إلى خروج حمم بركانية من باطن الأرض.
من كل هذه الأدلة العلمية نتأكد من:
1-
من حقيقة الطوفان كحدث ذكره الكتاب المقدس.
2- أن الطوفان كان شاملًا لكل الأرض كتأكيد
للكتاب المقدس.
تعليقات: (0) إضافة تعليق