كيف حدث الطوفان
* فكرة البيت الزجاجي وحل لغز الطوفان
يتفق الكثير من العلماء على أن الأرض ما قبل
الطوفان كانت تغطيها مظلة من بخار الماء تخلق نوعا من البيت الزجاجي لوقاية
النباتات السرخسية والطحالب، ومثل هذا التأثير الناشئ من وجود سحابة دائمة تغطي
الطبقة السفلى من الغلاف الجوي كان يوفر بيئة صالحة للحياة أفضل مما هو
الآن. ولعل هذا يعلل أن حيوانات ما قبل الطوفان كانت أكبر من مثيلاتها.
فلقد كانت الفراشات لها أجنحة يصل طولها إلى 20 بوصة،
وكانت هناك أنواع من الطيور طول أجنحتها 20 قدمًا، وتضع بيضًا قدره 11 بوصة .
حتى بالنسبة للإنسان الأول الذي عاش ما قبل
الطوفان فلقد كان يعيش عمرًا أطول يصل إلى تسعة قرون بل وأكثر (عمر متوشالح 969)،
بل وأكد العلماء من خلال الحفريات أن جسمه كان أكثر طولًا وأكثر قوة.
والأشكال التالية توضح حال الأرض قبل
الطوفان:
فالشكل رقم (1) يمثل رسمًا بيانيًا يوضح العلاقة بين
الحرارة على سطح الأرض، مقارنة بالإرتفاعات، حيث كان الغلاف الجوي مختلفًا عما هو
عليه حاليًا، فالغلاف الجوي سابقًا كان يحتوي على بخار ماء 5:3 أضعاف البخار
حاليًا. وكان هذا البخار يتحرك كما هو حاليًا في الطبقة السفلية، وهي تسمى
التروبوسفير Troposphere.
وكانت نسبة ثاني أكسيد الكربون 8:6 مرات ضعف
الوضع الحالي، حيث كانت 0.2 إلى 0.25% في حين أنها حاليًا حوالي 0.03%.
وزيادة نسبة بخار الماء وثاني اكسيد الكربون في الماضي كانت تساعد على منع
الإشعاعات طويلة الموجة الصادرة من الأرض من المرور إلى الطبقات الأعلى، وهذا يعني
منع الحرارة من التسرب إلى الطبقات الأعلى، مما يجعل الأرض في ذلك الوقت تحتفظ
تقريبًا بكل حرارتها. وهذا يؤكد أن حرارة الجو في ذلك الحين كانت أعلى،
بالإضافة إلى أن درجة حرارة مياه البحار والمحيطات كانت مرتفعة...
يوضح أن طبيعة الغلاف الجوى كانت
تجعله يعمل كمرشح كما هو في الرسم؛ فكان الإشعاع قصير الموجة يرشح خلال المستوى
العلوي لطبقة الأوزون Ozone في الطبقه العليا للغلاف الجوي المسمى
الأيونوسفير Ionosphere.
وهكذا تتم تصفية الإشعاعات الداخلة إلى
الارض من الأشعة فوق البنفسجية قصيرة الموجة، في حين تنفذ الإشعاعات الطويلة
الموجة من خلال الأوزون، وأيضًا تمر في الطبقة الوسطى من الغلاف الجوي المسمى
الستراتوسفير Stratosphere، وينعكس جزء من الموجة ولكن يدخل الجزء الباقي، وينتشر في مظلة
بخار الماء في الطبقة السفلية للغلاف الجوى التراتوسفير Tratosphere.
وهكذا فإن الإشعاع الموجي الطويل
للشمس يمتص والإشعاع الموجى الطويل للأرض يظل محبوسًا، وهكذا تظل درجة الحرارة تحت
المظلة السفلية مرتفعة.
أما الشكل (3)
فيوضح الأرض قبل وبعد الطوفان
(حاليًا)، وهو يوضح المظلة الخارجية والمظلة الداخلية. فالمظلة الخارجيه
للأرض وهي تتكون من الاوزون كانت أكثر سُمكًا قبل الطوفان، حيث أنها لكي ما تتحلل
كانت تحتاج إلى إشعاعات طويلة الموجة صادرة من الأرض. وهذه الإشعاعات والتي
تلعب الآن دورًا هامًا في تقليل الإوزون لم تكن تلعب هذا الدور قبل الطوفان؛ حيث
كما سبق أن ذكرنا أنها كانت محبوسة في الغلاف الجوي السفلي بفضل مظلة بخار الماء
وثاني أكسيد الكربون.
الأرض
والغلاف الجوي قبل وبعد الطوفان
ففي مرحلة ما قبل الطوفان كان للأرض:
1- مظلة سميكة وأكثر فاعلية من الأوزون.
2- مظله سميكه فعالة منخفضة من بخار الماء.
3- خليط مركز من ثاني أكسيد الكربون مع
الأكسجين Oxygen و
النيتروجين Nitrogen.
وهذا ما يوضحه الجدول التالي (شكل رقم 4):
الأرض
قبل الطوفان
|
الأرض
بعد الطوفان
|
||
20%
أكسجين
|
5:3%
بخار ماء
|
21%
اكسجين
|
1.5:0.5%
بخار ماء
|
74%
نيتروجين
|
10%
أوزون
|
77%
نيتروجين
|
3:1%
اوزون
|
0.25:0.20% ثاني أكسيد الكربون
|
0.03% ثانى اكسيد كربون
|
الغاز
|
ما
قبل الطوفان
|
ما
بعد الطوفان
|
نيتروجين
|
75:74%
|
77%
|
أكسجين
|
20:19%
|
21%
|
بخار ماء
|
6:4%
غير متنوع
|
1.5:0.5%
متنوع جزئي
|
ثاني أكسيد الكربون
|
0.25:0.20%
|
0.3%
|
في الغلاف العلوي
|
10
أجزاء في المليون
|
3:1
اجزاء فى المليون
|
فى الغلاف السفلي
|
صفر
|
0.01:0.001%
جزء في المليون
|
ومما يؤكد أن نسبة ثاني أكسيد الكربون كانت
قبل الطوفان أعلى منها حاليًا في الغلاف الجوي:
1-
الغنى العظيم في الأوراق الخضراء والحياة
النباتية حتى في
مناطق آلاسكا وسيربيا (المجمدة حاليًا)، مما يؤكد وجود كربون وافر قبل
الطوفان.. وتعد متواجدة في الغلاف الجوي في طبقة البايوسفير Biosphere كما كانت قبل
الطوفان.
2- أن الحجر الجيري وتركيبه CaCo3 و الدولوميت Ca-Mg (Co3)2 يشكلان
نسبة عالية جدًا من طبقات الأرض، ويرجع تكوينها إلى كارثة طبيعية؛ حيث ذاب الكثير
من الكربون في المياه الجوفية مكونًا المركبات الكربونية على هيئة رسوبيات..
3- بسبب البرودة التي حلت بمياه البحار
والمحيطات وخاصة في المناطق الباردة منها مما أذاب كميات أكبر من الكربون على هيئة Co2 "ثاني
أكسيد الكربون" حيث أن ثانى إكسيد ألكربون يذوب بنسبة أعلى في المياه الباردة، وهذا ما
يحدث بالفعل في صناعة المياه الغازية.
وهذه الأدلة الثلاثة تؤكد أن ثاني أكسيد
الكربون قبل الطوفان كان موجودًا بنسبة أكبر، وهذا يتماشى مع الحقيقة العلية بأن
المادة لا تفنى؛ فالكربون لا يزال مخزونًا في أرضنا ولكن بصورة غير ما كانت عليه
في الماضي، حيث كان على هيئة ثاني أكسيد الكربون بنسبة عالية في الغلاف الجوي.
مظلة
بخار الماء قبل و بعد الطوفان
* ولكن، هل من دليل في الكتاب المقدس يؤكد فكرة مظلة بخار الماء قبل
الطوفان؟!
بالتأكيد يوجد العديد من الآيات لو دققنا
فيها لتأكدنا من هذه الحقيقة، ومنها على سبيل المثال:
"وقال الله ليكن جلد في وسط المياه
وليكن فاصلا بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي تحت
الجلد والمياه التي فوق الجلد. وكان كذلك" (تك7،6:1).
وهنا الجَلَدْ تعني الغلاف الجوي والمياه
التي تحت الجلد تعني البحار والمحيطات، ولكن ماذا عن المياه التي فوق الجلد؟
إنها بخار الماء الذي كان يظلل الأرض، لذا يمكن كتابة الأعداد السابقة من الكتاب
كما يلي:
[وقال الله ليكن جلد (الغلاف الجوى) في وسط
المياه، وليكن فاصلا بين مياه ومياه. فعمل الله الجلد وفصل بين المياه التي
تحت الجلد (المحيطات والبحيرات والبحار والمستنقعات) والمياه التي فوق الجلد (مظلة
بخار الماء) وكان كذلك.]
ومما يؤكد وجود بخار الماء فوق سطح الأرض في
بداية الخلق، قول الكتاب المقدس: "كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض، وكل
عشب البريه لم ينبت بعد، لأن الرب الإله لم يكن قد أمطر على الأرض، ولا كان إنسان
ليعمل الارض، ثم كان ضباب يطلع من الأرض ويسقي وجه الإرض" (تك6،5:2).
ويمكننا أن نستنتج
من هذه الفقرة أمرين:
1- أن المطر لم يكن موجودًا على الإطلاق قبل
الطوفان.
2- أن الأرض كانت تُروى بالندى، والذي يعتمد
على تشبع الجو ببخار الماء، وفروق بسيطة في درجات الحرارة بين الليل
والنهار.
ولم يكن هناك رياح قبل الطوفان كذلك.
وذلك بسبب وحدة درجة الحرارة تقريبًا.. فكانت جميع مناطق العالم لهم نفس
الدرجة تقريبًا.. وكان هناك فروق بسيطة جدًا في الحرارة بين النهار والليل.
ونفس الأمر نجده في كوكب الزهرة كمان
كتب كينيث ويفر Kenneth Weaver مساعد
رئيس تحرير الجريدة الجغرافية الأهلية بأمريكا National
Geographic. فبسبب
وجود غلاف جوي من ثاني أكسيد الكربون أكثر من الأرض 100 مرة، فتكون درجة حرارة
كوكب الزهرة 900 ف، وهذا الغلاف حافظ على تلك الدرجة وعلى ثباتها تقريبًا.. .
ومن المناسب أن نذكر في هذه الجزئية أيضًا
شرح لموضوع "ريح النهار" المذكور في (تك8:3). فيشرح لنا الجغرافي
باتن Patten أنه
بحلول الغسق وهبوط درجة الحرارة درجتين أو ثلاثة، كان الغلاف الجوي الذي يكاد يكون
مشبعًا يصل إلى درجة التشبع الكامل. ويصل إلى نقطة تكوين الندى فيحدث قطرات
الماء، فتتكون طبقة باردة من الندى، وهذا يؤدي إلى نوع من البرودة الخفيفة، والتي
سماها الكتاب المقدس ريح النهار.
إن ما قام به بخار الماء قديمًا قبل
الطوفان، يقوم به حاليًا ولكن بصورة أقل كل من الأوزون وثاني أكسيد الكربون، في
ضبط درجة حرارة الأرض. ويؤكد د. موريس أن غطاء بخار الماء الهائل الذي كان
موجودًا في الطبقة السُفلى من الغلاف الجوي كان يكفي كمصدر لمياه الأمطار الغزيرة
التي استغرقت 40 يومًا.
المياه
الجوفية وتحت السطحية وتأثيرها على الطوفان
وهنا نقف أمام سؤالين:
1- هل مياه بخار الماء كانت هي المصدر
الوحيد للأمطار؟
2- إذا كانت الرياح غير موجودة في جو ما قبل
الطوفان، فكيف حدث هذا التكاثف المفاجئ والكلي للأبخرة الموجودة في المظلة؟
عندما يبدأ الكتاب
المقدس حديثه
عن الطوفان، يتحدث أولًا عن المياه الجوفية وتحت السطحية قبل أن يتحدث عن الأمطار.
"انفجرت
كل ينابيع الغمر العظيم، وانفتحت طاقات السماء" (تك11:7). وهنا يؤكد
الكتاب أنه كان يوجد مخزون آخر للمياه ليس على هيئة أبخرة محيطة بالأرض، ولكن على
هيئة مياه مضغوطة تحت القشرة الأرضية، ويؤكد العلماء أنها كانت مياه ساخنة واقعة
تحت ضغط شديد.
وقام العلماء بدراسة أسباب إنطلاق هذه
المياه المخزونة وحدوث الطوفان. ويقترح د. موريس تفسيرًا بسيطًا أن المياه
المخزونة تحت القشرة الأرضية إنفجرت فجأة في نقطة ضعيفة من الشفرة الأرضية، ويلاحظ
أن أي انهيار في نقطة محدودة يمكن أن يتسبب في لسلة متوالية من ردود الأفعال تؤدي
إلى انهيارات عديدة في أماكن متفرقة من العالم.
كما يقول د. موريس أنه في حالة حدوث حركات
أرضية قد تؤدي إلى تكاثف الأبخرة، فينتج عنها تساقط كميات كبيرة من الأمطار.
ويذكر أمثلة عملية معاصرة لذلك منها ثورة بركان كراكاتورا Krakatau سنة 1883، والذي يقع بين جزر جاوه
وسومطره، والذي ذكرته الموسوعات العلمية البريطانيةEncyclopedia Britannica في
طبعتها الحادية عشر سنة
1910. وأيضا ذلك في موسوعة فنك وواجنل Funck & Wagnll's سنة
1960، ولقد كانت أعنف ثورة بركانية عرفها التاريخ في العصر الحديث،
وكان يشكل 18 ميلًا مربعًا، ودمر الجزء الأكبر من الجزيرة. ولقد أحدث دوى
أحد إنفجاراته أعلى دوى سمعه الإنسان؛ إذ سمع صوته على مسافة 3000 ميلًا!
ولقد شعر العالم كله بذبذبات الضجة التي أحدثها الإنفجار والزلزال المصاحب له،
وأثناء الانفجار ارتفع الغبار وقطع الصخور إلى إرتفاع وصل إلى 17 ميلًا،
والأكثر من هذا أن الحبيبات الدقيقة من الغبار التي اندفعت إلى الطبقات الأعلى من
الغلاف الجوي إنتشرت في معظم أنحاء الأرض!
وفي باندونج Bandong (على
بعد 150 ميلًا من مركز الأنفجار) أظلمت السماء بسبب الرماد المتصاعد حتى أن الناس
اضطروا إلى استخدام المصابيح في المنازل وقت الظهيرة، واستمر تساقط الغبار
البركاني على الأرض مرة أخرى مدة 3 سنوات بمعدل 14 مليون طن في السنة! وقد
أدى البركات إلى تكوين موجات مدية بلغ ارتفاعها 50 قدما، وأدت إلى إهلاك أكثر من
36000 شخصًا على طول سواحل سومطره وجاوه.
ولقد سبب الغبار انخفاضًا في درجة الحرارة لمدة
سنتين أو ثلاثة، كما نتجت عنه أمطار على الكرة الأرضية خلال الستة أسابيع التالية
للانفجار.
ويقدم العلماء هذا الانفجار كدليل علمي يؤكد
اندفاع المياه من تحت الأرض أيام الطوفان وارتباطها بفتح طاقات السماء وسقوط أمطار
غزيرة لمدة 40 يوما ثم بدأت تقل بالتدريج.
ويضيف
الجيولوجي البريطاني ديفيز L. M. Daves أنه
حدثت انخفاضات في سطح الأرض في أماكن كثيرة مما ساعد على غمر الأرض كلها
بالماء. ربما كانت نتيجة إحداث فراغات تحت سطح الأرض نتيجة لخروج المياه
منها..
ويقول د. فريدريك فيلبي Dr. Fredrick Filpy في كتابه إعادة
النظر في الطوفان: من الواضح أن العبارة صحيحة، فإما أن تهبط الأرض أو يرتفع مستوى
الماء.. وكلاهما يؤكد أن الانخفاضات الأرضية كانت مصاحبة لأحداث الطوفان.
ويعتقد د. فيلبى أن جزءًا كبيرًا من جنوب
شرق آسيا هبط بالفعل ولم تبق منه سوى بعض الجزر كسومطره وبورينو وجاوه وأيضًا
أشباه الجزر، وأن الأرض في تلك المناطق كانت قبلًا متصلة، ولكن نتيجة للحركات
الأرضية انخفض كثير منها.
ومثال لذلك بحر اليابان والبحار الصفراء
بالقرب من الصين، والتي كانت قبلًا مرتفعة ولكنها انخفضت.
والبحر الأحمر يعطينا صورة واضحة للانخفاضات
الشديدة في الأرض؛ إذ تحدث في فترة من الزمان نتيجة لسلسلة من الفوالق تؤدي إلى
انخفاض جزء كبير من القشرة الأرضية تمتلئ بعدئذ بالماء.
وهكذا نرى ثلاثة عوامل لعبت دورًا رئيسًا في
حدوث الطوفان الشامل، وهي:
1- مظلة بخار الماء التي كانت تغطي الأرض.
2- خزانات المياه المضغوطة تحت الأرض.
3- هبوط كتل كبيرة من اليابسة وبالتالي
ارتفاع البحار.
تعليقات: (0) إضافة تعليق